8 ـ مدحهم و الإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة و الإعجاب بأخلاقهم و مهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة و دينهم الفاسد :ـ
قال تعالى :{ و لا تَمدَّن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم زهرةَ الحياة الدنيا لنفتنهم فيه و رزق ربك خيرٌ و أبقى } طه 131 .
و ليس معنى ذلك أن المسلمين لا يتخذون أسباب القوة من تعلم الصناعات و مقومات الاقتصاد المباح و الأساليب العسكرية بل ذلك مطلوب قال تعالى { و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة } الأنفال 60 .
و هذه المنافع و الأسرار الكونية هي في الأصل للمسلمين قال تعالى : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة } الأعراف 32 .
قال تعالى : { و سخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعًا منه } الجاثية 13 .
و قال تعالى : { هُو الذَّي خلق لكم ما في الأرض جميعًا } البقرة 29 .
فالواجب أن يكون المسلمون سباقين إلى استغلال هذه المنافع و هذه الطاقات ، و لا يستجدون الكفار في الحصول عليها ، بل أن يكون لهم مصانع و تقنيات .
9 ـ التسمي بأسمائهم :ـ
بحيث يسمي بعض المسلمين أبناءهم و بناتهم بأسماء أجنبية و يتركون أسماء آبائهم ، و أمهاتهم و أجدادهم و جداتهم و الأسماء المعروفة في مجتمعه . و قد قال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " خير الأسماء عبد الله و عبد الرحمن " و بسبب تغيير الأسماء فقد وجد جيل يحمل أسماء غريبة ، مما يسبب الإنفصال بين هذا الجيل و الأجيال السابقة و يقطع التعارف بين الأسر التي كانت تعرف بأسمائها الخاصة .
10ـ الاستغفار لهم والترحم عليهم :
و قد حرم الله ذلك بقوله تعالى : { ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قُربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } التوبة 113 .
لأن هذا يتضمن حبهم و تصحيح ما هم عليه .
11ـ حكم الاستعانة بالكفار في الوظائف و القتال و نحو ذلك :ـ
أ ـ في الوظائف : قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم و ما تُخفي صدروهم أكبر } آل عمران 118 .
قال البغوي ـ رحمه الله ـ : { لا تتخذوا بطانة من دونكم } .
أي أولياء و أصفياء من غير أهل ملتكم ، و بطانة الرجل خاصته ، ثم بين سبحانه العلة في النهي عن اتخاذهم بطانة فقال : { لا يألونكم خبالاً } أي لا يقصرون في عمل ما يضركم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :ـ فقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود و النصارى و المنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين و بما يطلعون عليه من أسرارهم ، و من الآبيات المشهورة :ـ
كل العداوة قد ترجى مودتها إلا عداوة من عداك في الدين
ولهذا و غيره منعوا أن يكونوا على ولاية المسلمين ( يعني في الوظائف ) بل إن استعمال من هو دونهم في الكفاية ( يعني من المسلمين ) أنفع للمسلمين في دينهم و دنياهم ، و القليل من الحلال يبارك فيه ، و الكثير من الحرام يذهب و يمحقه الله تعالى ـ انتهى بـ اختصار ـ [ مجموع الفتاوى ((28/646)) ] و قد تبين مما سبق :
1) ـ أنه لا يجوز أن يولى الكافر ولاية فيها سلطة على المسلمين أو اطلاع على أسرارهم كاتخاذهم وزراء و مستشارين لقوله تعالى : { لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً } آل عمران 118. أو موظفي في أعمال الدولة الإسلامية .
2) أنه يجوز استئجارهم للقيام ببعض الأعمال الجانبية التي لا تُشكل خطرًا على سياسة الدولة المسلمة كالدلالة على الطريق و ما في معناه كبناء المباني و إصلاح الطرق بشرط أن لا يكون في المسلمين من يصلح للقيام هذا العمل . فإن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ استأجر هو و أبو بكر رجلاً من بني الديل هاديًا خرَّيتًا يدلهما على الطريق في سفر الهجرة إلى المدينة و كان رجلاً مشركًا .
ب ـ أما الاستعانة بهم في القتال : ففي المسألة خلاف بين أهل العلم ، و الصحيح جواز ذلك عند الحاجة و الضرورة إذا كان المستعان به منهم مأمونًا في الجهاد قال ابن القيم في فوائد صلح الحديبية : و منها أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة ، و فيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو و أخذه أخبارهم ، ويجوز للضرورة لما روى الزهري أنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ استعان بناس من اليهود في حرب خيبر سنة سبع ، و سهد صفوان حنينًا و هو مشرك ، و الضرورة مثل كون الكفار أكثر عددًا و يخاف منهم بشرط أن يكون حسن الرأي في المسلمين ، أما عند عدم الحاجة فلا تجوز الاستعانة بهم ، لأن الكافر لا يؤمن مكره و غائلته لخبث طويته .
ثانيًا / من مظاهر موالاة المؤمنين :ـ
1 ـ الهجرة إلى بلاد المسلمين و هجر بلاد الكافرين :ـ
و الهجرة هي الانتقال من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين .
الهجرة بهذا المعنى و لأجل هذا الغرض واجبة و باقي إلى طلوع الشمس من مغربها عند قيام الساعة ، و قد تبرأ النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، فتحرم على المسلم الإقامة في بلاد الكفار إلا إذا كان لا يستطيع الهجرة منها . أو كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله و نشر الإسلام . قال تعالى :{ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيرًا * إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيلةً و لا يهتدون سبيلاً * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم و كان الله عفوا غفورًا } النساء 97 – 99 .
2 ـ مناصرة المسلمين و معاونتهم بالنفس و المال و اللسان فيما يحتاجون إليه في دينهم و دنياهم :ـ
قال تعالى : { و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض } التوبة 71 .
و قال تعالى : { و إن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم و بينهم ميثاق } الأنفال 72 .
3 ـ التألم لألمهم و السرور بسرورهم :ـ
قال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ :" مثل المسلمين في توادهم و تراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر " . و قال أيضًا عليه الصلاة و السلام : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا و شبك بين أصابعه ـ صلى الله عليه و سلم ـ "
4 ـ النصح لهم و محبة الخير لهم و عدم غشهم و خديعتهم :
قال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
و قال : " المسلم أخو المسلم لا يحقره و لا يخذله و لا يسلمه ، بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل مسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه "
و قال عليه الصلاة و السلام : " لا تباغضوا و لا تدابروا و لا تناجشوا و لا يبيع بعضكم على بيع بعض ، و كونوا عباد الله إخوانًا " .
5 ـ احترامهم وتوقيرهم و عدم تنقصهم و عيبهم :ـ
قال تعالى : { يَا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيرًا منهم و لا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيرًا منهن و لا تلمزوا أنفسكم و لا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون * يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه و اتقوا الله إن الله توابٌ رحيم } الحجرات 11،12
6 ـ أن يكون معهم في حال العسر و اليسر و الشدة و الرخاء :
بخلاف أهل النفاق الذين يكونون مع المؤمنين في حال اليسر و الرخاء و يتخلون عنهم في حال الشدة .
قال تعالى : { الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم و إن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم و نمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً } النساء 141 .
7 ـ زيارتهم و محبة الالتقاء بهم و الاجتماع معهم :
و في الحديث القدسي : " وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ " و في حديث آخر : " أن رجلاً زار أخًا له في الله فأرصد الله على مدرجته ملكًا ، فسأله أين تريد ؟ قال : أزور أخًا في الله ، قال : هل لك عليه من نعمة تربها عليه ، قال : لا ، غير أني أحببته في الله ، قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه "
8 ـ احترام حقوقهم :ـ
فلا يبيع على بيعهم و لا يسوم على سومهم و لا يخطب على خطبتهم و لا يتعرض لما سبقوا إليه من المباحات .
قال ـ صلى الله عليه و سلم ـ :" ألا لا يبع الرجل على بيع أخيه و لا يخطب على خطبته " و في رواية : " و لا يسم على سومه " .
9 ـ الرفق بضعفائهم :ـ
كما قال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " ليس منا من لم يوقر كبيرنا و يرحم صغيرنا " .
و قال عليه الصلاة و السلام : " هل تنصرون و ترزقون إلا بضعفائكم "
و قال تعالى : { و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا } الكهف 28 .
تابع