السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
باب صلاة الجماعة

أقلها اثنان فى غير جمعه وعيد وهى واجبة على الأعيان حضراً وسفراً حتى فى خوف لقوله تعالى : ( إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) الآية وتفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ، وتفعل فى المسجد . والعتيق أفضل وكذلك الأكثر جماعة وكذلك الأبعد ، ولايؤم فى مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه إلا أن يتأخر فلا يكره ذلك لفعل أبى بكر وعبد الرحمن ابن عوف ، وإذا أقيمت الصلاة فلايجوز الشروع فى نفل ، وإن اقيمت وهو فيها اتمها خفيفة ، ومن أدراك ركعة مع الأمام فقد أدرك الجماعة ، وتدرك بإدراك الركوع مع الأمام ، وتجزىء تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع لفعل زيد بن ثابت وابن عمر ولايعرف لهما مخالف من الصحابة . واتيانه بهما أفضل خروجا من خلاف من أوجبه فإن أدركه بعد الركوع لم يكن مدركاً للركعة وعليه متابعته ويسن دخوله معه للخبر ولايقوم المسبوق إلا بعد سلام الإمام التسليمة الثانية فإن أدركه فى سجود السهو بعد السلام لم يدخل معه وإن فاتته الجماعة استحب له ان يصلى معه لقوله صلى الله عليه وسلم : " من يتصدق على هذا فيصلى معه " ولاتجب القراءة على مأموم لقوله تعالى : ( وإذا قرىء القرآن فأستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ) قال أحمد : أجمع الناس على أن هذه الآية فى الصلاة . وتسن قراءته فيما لايجهر فيه الإمام أكثر من الصحابة والتابعين يرون القراءة خلف الإمام فإن وافقه كره ، وتحرم مسابقته فإن ركع أو سجد قبله سهواً رجع ليأتى به فإن لم يفعل عالماً عمداً بطلت صلاته ، وإن تخلف بعد فراغ الإمام فإن وافقه كره ، وتحرم مسابقته فإن ركع أو سجد قبله رجع ليأتى به بعده فإن لم يفعل عالما عمداً بطلت صلاته ، وإن تخلف عنه بركن بلا عذر فكالسبق به ، وإن كان لعذر من نوم أو غفله أو عجله إمام فعله ولحقه ، وإن تخلف بركعة لعذر تابعه فيما بقى من صلاته وقضاها بعد سلام الأمام ، ويسن له إذا عرض عارض لبعض المأمومين يقتضى خروجه أن يخفف وتكره سرعة تمنع مأموماً من فعل مايسن .
ويسن تطويل قراءة الركعة الأولى أطول من الثانية ، ويستحب للأمام انتظار الداخل ليدرك الركعة إن لم يشق على مأموم .
وأولى الناس بالأمامة أقرؤهم لكتاب الله . وأما تقديم النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكر مع أن غيره أقرأ كأبي ومعاذ فأجاب أحمد أن ذلك ليفهموا أنه المقدم فى الأمامة الكبري، وقال غيره :لما قدمه مع قوله يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة علم أن ابا بكر أقرؤهم وأعلمهم ، لأنهم لم يكونوا يتجاوزون شيئاً من القرآن حتى يتعلموا معانيه والعمل به كما قال ابن مسعود : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات من القرآن لم يتجاوزهن حتى يتعلم معانيهن والعمل بهنَّ وروى مسلم عن أبى مسعود البدرى يرفعه ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا فى الهجرة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً )
ولايؤمن الرجل الرجل فى سلطانه ولايقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه وفى الصحيحين : "يؤمكم أكبركم " وفى بعض ألفاظ أبى مسعود : " فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سلماً " أى اسلاماً .
ومن صلى بأجره لم يصل خلفه . قال أبو داود : سئل أحمد عن أمام يقول أصلى بكم رمضان بكذا وكذا فقال : أسأل الله العافية ومن يصلى خلف هذا ؟! ولايصلى خلف عاجز عن القيام إلا إمام الحى وهو كل إمام مسجد راتب – إذا اعتل صلوا وراءه جلوسا، وإن صلى الإمام وهو محدث أو عليه نجاسة ولم يعلم إلا بعد فراغ الصلاة لم يعد من خلفه وأعاد الإمام وحده فى الحدث، ويكره أن يؤم قوماً أكثرهم يكرهه بحق ويصح إئتمام متوضىء بمتيمم .
والسنة وقوف امأموم خلف الإمام لحديث جابر وجبار لما وقف عن يمينه ويساره أخذ بأيديهما فأقامهما خلفه رواه مسلم . أما صلاة ابن مسعود بعلقمة والأسود وهو بينهما فأجاب ابن سيرين ان المكان كان ضيقا . وإن كان المأموم واحداً وقف عن يمينه وإن وقف عن يساره أداره عن يمينه ولاتبطل تحريمته وإن أم رجلا وأمراة وقف الرجل عن يمينه والمرأة خلفه لحديث أنس رواه مسلم وقرب الصف منه أفضل وكذا قرب الصفوف بعضها من بعض وكذا توسطه الصف لقوله صلى الله عليه وسلم : "وسطوا الإمام وسدوا الخلل" وتصح مصافه صبى لقول أنس : صففت أنا واليتيم وراءه والعجوز خلفنا ، وإن صلى فذا لم تصح ، وإن كان المأموم يرى الإمام أو من وراءه صح ولو لم تتصل الصفوف وكذا لو لم ير أحد هما إن سمع التكبير لإمكان الاقتداء بسماع التكبير كالمشاهدة وإن كان بينهما طريق وانقطعت الصفوف لم يصح واختار الموفق وغيره أن ذلك لايمنع الاقتداء لعدم النص والإجماع.
ويكره أن يكون الإمام أعلى من المأمومين قال ابن مسعود لحذيفة : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال : بلى رواه الشافعى بأسناد ثقات ولابأس بعلو يسير كدرجة منبر لحديث سهل انه صلى الله عليه وسلم ، صلى على المنبر ثم نزل القهقرى وسجد ، الحديث . ولابأس بعلو مأموم لأن أبا هريرة صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام رواه الشافعى ، ويكره تطوع الإمام فى موضع المكتوبه بعدها لحديث المغيره مرفوعاً رواه أبو داود لكن قال أحمد : لاأعرفه عن غير علي ولاينصرف المأموم قبله لقوله صلى الله عليه وسلم : " لاتسبقونى بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف " ويكره لغيرالإمام اتخاذ مكان فى المسجد لايصلى فرضه إلا فيه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إيطان كإيطان البعير .
ويعذر فى ترك الجمعة والجماعة مريض وخائف ضياع ماله أو ماهو مستحفظ عليه : لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بلل الثياب بالمطر الذى هو عذر بالاتفاق لقول عمر : كان النبى صلى الله عليه وسلم ينادى مناديه فىالليلة الباردة أو المطيرة فى السفر . صلوا فى رحالكم ، اخرجاه ولهما عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه فى يوم مطير يوم جمعة : " إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فلاتقل : حى على الصلاة قل : صلوا فى بيوتكم " فكان الناس استنكروا ذلك فقال : فعله من هو خير منى – يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإنى كرهت أن أخرجكم فى الطين والدحض ، ويكره حضور المسجد لمن اكل ثوما أوبصلا ولو دخل من آدمى لتأذى الملائكة بذلك.

مكتبة الشيخ محمد بن عبدالوهاب المجلد 3: الفقة 2
كتاب آدابُ المشي إلى الصلاة
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
1115 هـ - 1206 هـ