مؤمنة بالله المدير العام
عدد الرسائل : 1137 الأوسمة : اوسمة تقدير : تاريخ التسجيل : 11/03/2008
بطاقة الشخصية رقم العضوية: قيمة حقل الكتابة sms للمنتدى: نشاط العضو: (30/30)
| موضوع: ترك الصلاة الإثنين مارس 17, 2008 1:25 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
- إن هذه المسألة من مسائل العلم الكبر ، وقد تنازع فيها أهل العلم سلفاً وخلفاً ، فقال الإمام أحمد بن حنبل : " تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً من المِلة ، يُقتل إذا لم يتب ويصل " . وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : " فاسقٌ ولا يكفر " . ثم اختلفوا ، فقال مالك والشافعي " يُقتل حداً .. " . وقال أبو حنيفة : " يُعزر ولا يُقتل " . - إذا كانت هذه المسألة من مسائل النزاع ، فالواجب ردها إلىكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : } وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله { ( الشورى : 10) ، وقوله : }فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيراً وأحسن تاويلاً (59) { ( النساء : 59) . ولأن كل واحد من المختلفين لا يكون قوله حجة على الآخر ، لأن كل واحد يرى أن الصواب معه ، وليس أحدهما أولى بالقبول من الآخر ، فوجب الرجوع في ذلك إلى حكم بينهما وهو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإذا رددنا هذا النزاع إلى الكتاب والسنة ، وجدنا : أن الكتاب والسنة كلاهما يدل على كفر تارك الصلاة ، الكفر الأكبر المخرج عن الملة .
أولاً : من الكتاب : - قال تعالى في سورة التوبة : } فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين{ ( التوبة : 11) ، وقال في سورة مريم : }فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة وابتعوا الشهوات فسوف يلقون غياً ، إلا من تاب وآمن وعلم صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً { ( مريم : 59 ، 60) . - فوجه الدلالة من الآية الثانية ، آية سورة مريم : أن الله قال في المضيعين للصلاة ، المتبعين للشهوات : }إلا من تاب وآمن{ فدل على أنهم حين إضاعتهم للصلاة ، واتباع الشهوات غير مؤمنين . - ووجه الدلالة من الآية الاولى ، آية سورة التوبة ، أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين ، ثلاثة شروط : o أن يتوبوا من الشرك . o أن يقموا الصلاة . o أن يؤتوا الزكاة .
- فإن تابوا من الشرك ، ولم يقيموا الصلاة ، ولم يؤتوا الزكاة ، فليسوا بإخوة لنا . وإن أقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة ، فليسوا بإخوة لنا . والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية ، فلا تنتفي بالفسوق ، والكفر دون الكفر . - ألا ترى إلى قوله تعالى في آية القصاص من القتل : }فمن عفى له من أخيه شيءٌ فاتباعٌ بالمعروف وأداءٌ إليه بإحسان{ ( البقرة : 178) . فجعل الله القاتل عمداً ، أخاً للمقتول مع أن القتل عمداً من أكبر الكبائر ، لقول الله تعالى : }ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً (93){ ( النساء : 93) . ثم ألا تنظر إلى قوله تعالى في الطائفتين من المؤمنين إذا اقتتلوا : }وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما { ( الحجرات : 9،10) . فأثبت الله تعالى الأخوة بين الطائفة المصلحة والطائفتين المقتتلتين ، مع أن قتال المؤمن من الكفر ، كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سِبابُ المسلم فسوقٌ ، وقتاله كفرٌ" لكنه كفرٌ لا يخرج من الملة ، إذ لو كان مخرجاً من الملة لما بقيت الأخوة الإيمانية معه والآية الكريمة قد دلت على بقاء الأخوة الإيمانية مع الاقتتال . - وبهذا عُلِمَ أن ترك الصلاة كفر مخرجٌ عن الملة ، إل لو كان فسقاً أو كفراً دون كفرٍ ، ما انتفت الأخوة الدينية به ، كما لم تنتف بقتل المؤمن وقتاله . - فإن قال قائل : هل ترون كفر تارك إيتاء الزكاة كما دل عليه مفهوم آية التوبة ؟ - قلنا : كفر تارك إيتاء الزكاة قال به بعض أهل العلم ، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، ولكن الراجح عندنا أنه لا يكفر ، لكنه يعاقب بعقوبة عظيمة ، ذكرها الله تعالى في كتابه ، وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته ، ومنها ما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عقوبة مانع الزكاة ، وفي آخره : " ثم يرى سبيله ، إما إلى الجنة وإما إلى النار " ، وقد رواه مسلم بطوله في : باب (إثم مانع الزكاة) ، وهو دليل على أنه لا يُكفر ، إذ لو كان كان كافراً ما كان له سبيل إلى الجنة . فيكون منطوق هذا الحديث مقدماً على مفهوم آية التوبة ، لأن المنطوق مقدم على المفهوم كما هو معلوم في أصول الفقه .
ثانياً : من السنة : 1- قال صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ، ترك الصلاة " . رواه مسلم في كتاب الإيمان عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . 2- وعن بُريدة بن الحصيب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " . رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه . 3- والمراد بالكفر هنا ، الكفر المخرج من الملة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة فصلاً بين المؤمنين والكافرين ، ومن المعلوم أن ملة الكفر غير ملة الإسلام ، فمن لم يأتِ بهذا العهد فهو من الكافرين . 4- وفي صحيح مسلم ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ستكون أمراء ، فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف بريء ، ومن أنكر سَلِمَ ، ولكن من رضي وتابع " . قالوا : " أفلا نقاتلهم ؟" قال : " لا ما صلوا " . 5- وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويصلون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم " . قيل : يا رسول الله : أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : " لا ما أقاموا فيكم الصلاة " .
- ففي هذين الحديثين الأخرين دليل على منابذة الولاة ، وقتالهم بالسيف ، إذا لم يقيموا الصلاة ، ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم إلا إذا أتوا كفراً صريحاً ، عندنا فيه برهان من الله تعالى ، لقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه : " دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه ، فكان فيما أخذ علينا ، أن بايعنا على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرةً علينا ، وألا ننازع الأمر أهله " . قال : " إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهانٌ " . متفق عليه . وعلى هذا فيكون تركهم للصلاة الذي علق عليه النبي صلى الله عليه وسلم مناذبتهم وقتالهم بالسيف كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان . - ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه مؤمن ، وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وثواب ذلك ، وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع معها أن يترك ، وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسنان فيها بترك الصلاة ، وإما عامة فتحلم على أدلة كفر تارك الصلاة ، لأن أدلة كفر تارك الصلاة خاصة ، والخاص مقدم على العام . - فإن قال قائل : ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحداً لوجوبها؟ ! قلنا : لا يجوز ذلك لأن فيه محذورين :
الأول : إلغاء الوصف الذي أعتبره الشارع وعلق الحكم فيه : - فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود ، ورتب الأخوة في الدين على إقام الصلاة دون الإقرار بوجوبها . لم يقل الله تعالى : فإن تابوا واقروا بوجوب الصلاة ، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر جحد وجوب الصلاة ، أو : العهد الذي بيننا وبينهم الإقرار بوجوب الصلاة ، فمن جحد وجوبها فقد كفر . ولو كان هذا مراد الله تعالى ورسوله لكان العدول عنه خلاف البيان الذي جاء به القرآن الكريم ، قال الله تعالى : } ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ{ . وقال تعالى مخاطباً نبيه : }وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل{ ( النحل : 44) .
الثاني : اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطاً للحكم: - فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعُذر بجهله فيه سواء صلى أم ترك ، فلو صلى شخص الصلوات الخمس وأتى بكل ما يعتبر لها من شروط وأركان وواجبات ومستحبات ، لكنه جاحد لوجوبها بدون عذر له فيه ـ لكان كافراً مع أنه لم يتركها . - فتبين بذلك أن حمل النصوص على ترك الصلاة جاحداً لوجوبها غير صحيح ، وأن الحق أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة ، كما جاء ذلك صريحاً فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، قال : أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تتركوا الصلاة عمداً ، فمن تركها عمداً متعمداً فقد خرج من الملة " . - وأيضاً فإننا لو حملناه على ترك الجحود لم يكن لتخصيص الصلاة في النصوص فائدة ، فإن هذا الحكم عام في الزكاة والصيام والحج ، فمن ترك منها واحداً جاحداً لوجوبه كفر إن كان غير معذور بجهل . وكما أن كفر تارك الصلاة مقتضى الدليل السمعي الأثري ، فهو مقتضى الدليل العقلي النظري . - فكيف يكون عند الشخص إيمان مع تركه للصلاة التي هي عمود الدين ؟ ! والتي جاء من الترغيب في فعلها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يقوم بها ويبادر إلى فعلها ، وجاء من الوعيد على تركها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يحذر من رتكها وإضاعتها ، فتركها مع قيام هذا المقتضى لا يبقي إيماناً مع التارك . - فإن قال قائل : ألا يحتمل أن يراد بالكفر في تارك الصلاة كفر النعمة لا كفر الملة ؟ ! أو أن المراد به كفر دون الكفر الأكبر ؟ فيكون كقوله صلى الله عليه وسلم : " اثنتان بالناس هما بهم كفر : الطعن في النسب ، والنياحة على الميت " وقوله : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " . ونحو ذلك . - قلنا : هذا الاحتمال والتنظير له لا يصح لوجوه :
الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة حداً فاصلاً بين الكفر والإيمان وبين المؤمنين والكفار ، والحد يميز المحدود ويخرجه عن غيره . فالمحدودان متقايران لا يدخل أحدهما في الآخر .
الثاني : أن الصلاة ركن من أركان الإسلام ، فوصف تاركها بالكفر يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام ، لأنه هدم ركناً من أركان الإسلام ، بخلاف إطلاق الكفر على من فعل فعلاً من أفعال الكفر . الثالث : أن هناك نصوصاً أخرى دلت على كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً من الملة . فيجب حمل الكفر على مادلت عليه لتتلائم النصوص وتتفق . الرابع : أن التعبير بالكفر مختلف . ففي ترك الصلاة قال : " بين الرجل وبين الشرك والكفر " فعبر بأل الدالة على أن المراد بالكفر حقيقة الكفر بخلاف كلمة "كفر" منكراً أو كلمة " كفر " بلفظ الفعل فإن دال على أن هذا من الكفر ، أو أنه كفر في هذه الفعلة وليس هو الكفر المطلق المخرج عن الإسلام . - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب ( اقتضاء الصراط المستقيم" ( ص 70 ، ط السنة المحمدية ) على قوله صلى الله عليه وسلم : " اثنتان في الناس هما بهم كفر " قال : " فقوله : ( هما بهم كفر ) أي هاتان الخصلتان هما كفر قائمٌ بالناس ، فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر ، وهما قائمتان بالناس ، لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافراً الكفر المطلق ، حتى تقوم به حقيقة الكفر ، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمناً حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته . وفرقٌ بين الكفر باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة" وبين كفر منكرٌ في الإثبات " انتهى كلامه . - فإن تبين ان تارك الصلاةبلا عذر كافر كفراً مخرجاً من الملة بمقتضى هذه الأدلة ، كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل وهو أحد قولي الشافعي كما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : }فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات{ ( مريم : 59) . وذكر ابن القيم في ( كتاب الصلاة) أنه أحد الوجهين في مذهب الشافعي ، وأن الطحاوي نقله عن الشافعي نفسه . على هذا القول جمهور الصحابة ، بل حكى غير واحدٍ إجماعهم عليه . - قال عبد الله بن شقيق : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " . رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما . - وقال إسحاق بن راهيوة الإمام المعروف : " صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، أن تارك الصلاة عمداً من غير عذرٍ حتى يخرج وقتها كافر " . - وذكر انب حزم أنه قد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ ابن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة قال : " ولا نعلم لهؤلاء مخالفاً من الصحابة " . نقله عنه المنذري في ( الترغيب والترهيب) وزاد من الصحابة : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأبا الدرداء رضي الله عنهم . قال : " ومن غير الصحابة : أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وعبد الله بن المبارك والمنخعي والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني ، وأبو داود الطيالسي ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير ابن حرب وغيرهم " . - فإن قال قائل : ما هو الجواب عن الأدلة التي استدل بها من لا يرى كفر تارك الصلاة ؟ . - قلنا : الجواب أن هذه الأدلة لم يأت فيها أن تارك الصلاة لا يكفر ، أو أنه مؤمن ، أو أنه لا يدخل النار ، أو أنه في الجنة . ونحو ذلك ، ومن تأملها وجدها لا تخرج عن خمسة أقسام كلها لا تعارض أدلة القائلين بأنه كافر .
القسم الأول : أحاديث ضعيفة غير صحيحة حاول موردها أن يتعلق بها ولم يأت بطائل . القسم الثاني : ما لا دليل فيه أصلاً للمسألة ، مثل استدلال بعضهم بقوله تعالى : }إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء{ ( النساء : 48) . فإنمعنى قوله تعالى : }ما دون ذلك { ما هو أقل من ذلك ، وليس معناه ما سوى ذلك ، بدليل أن من كذب بما أخبر الله به ورسوله فهو كافر كفراً لا يغفر ، وليس ذنبه من الشرك . ولو سلمنا أن معنى }ما دون ذلك { ما سوى ذلك ، لكان هذا من باب العام المخصوص بالنصوص الدالة على الكفر بما سوى الشرك ، والكفر المخرج عن الملة من الذنب الذي لا يغفر وإن لم يكن شركاً القسم الثالث : عام مخصوص بالأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل : " ما من عبدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلاحرمه الله على النار " . وهذا أحد ألفاظه . وورد نحوه من حديث أبي هريرة وعبادة بن الصامت وعتبان بن مالك رضي الله عنهم . القسم الرابع : عام مقيد بما لا يمكن معه ترك الصلاة ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عتبان بن مالك : " فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" رواه البخاري . وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ : " ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قبله إلا حرمه الله على النار " رواه البخاري .
فتقييد الإتيان بالشهادتين بإخلاص القصد وصدق القلب يمنعه من ترك الصلاة ، إذ ما من شخص يصدق في ذلك ويخلص إلا حمله صدقه وإخلاصه على فعل الصلاة ولا بد ، فإن الصلاة عمود الإسلام ، وهي الصلة بين العبد وربه ، فإذاكان صادقاً في ابتغاء وجه الله ، فلا بد أن يفعل ما يوصله إلى ذلك ، ويتجنب ما يحول بينه وبينه ، وكذلك من شهد أن لا إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه ، فلا بد أن يحمله ذلك الصدق على أداء الصلاة مخلصاً بها لله تعالى ، متبعاً فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك من مستلزمات تلك الشهادة الصادقة . القسم الخامس : ما ورد مقيداً بحال يعذر فيها بترك الصلاة ، كالحديث الذي رواه ابن ماجه عن حذيفه بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يُدرسُ الإسلام كما يُدرسُ وشيُّ الثوب " الحديث . وفيه : " وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها " فقال له صلة : ما تُعني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ، ولا صيام ، ولا نسك ، ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ثم ردها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال : " يا صلة ، تنجيهم من النار " ثلاثاً . - فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمة من النار ، كانوا معذورين بترك شرائع الإسلام ، لأنهم لا يدرون عنها ، فما قاموا به هو غاية ما يقدرون عليه ، وحالهم تشبه حال من ماتوا قبل فرض الشرائع ، أو قبل أن يتمكنوا من فعلها ،كمن مات عقيب شهادته قبل أن يتمكن من فعل الشرائع ، أو أسلم في دار الكفر فمات قبل أن يتمكن من العلم بالشرائع . - والحاصل أن ما استدل به من لا يرى كفر تارك الصلاة لا يقاوم ما استدل به من يرى كفره ، لأن ما استدل به أولئك إما أنيكون ضعيفاً غير صربح ، وإما ألا يكون فيه دلالة أصلاً ، وإما أن يكون مقيداً بحال يعذر فيها بترك الصلاة ، أو عاماً مخصوصاً بأدلة تكفيره! . - فإذا تبين كفره بالدليل القائم السالم عن المعارض المقاوم ، وجب أن تترتب أحكام الكفر والردة عليه ، ضرورة أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً . | |
|
الأمومة عضو فعال
عدد الرسائل : 39 تاريخ التسجيل : 31/03/2008
| موضوع: رد: ترك الصلاة السبت أبريل 12, 2008 11:30 pm | |
| | |
|