الحمد لله القائل في محكم التنزيـل : ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) والصلاة والسلام على
النبي الأمين المصطفى المبعوث رحمة للعالمين ،
أما بعــد :
قال الحق سبحانه ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم
( المسلم أخو المسلم لايظلمه ، ولا يخذله ، ولايسلمه ) رواه مسلم
وقال : ( ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص
فيه من عرضه؛ إلاّ خذله الله في موضع يحب فيه نصرته, وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع
ينتقص فيه من عرضه, وتنتهك فيه حرمته؛ إلاّ نصره الله في موضع يحب فيه نصرته) رواه أبو داود
وإذا كان تخليص الأسارى من أوجب الواجبات ، كما قال القرطبي: "وتخليص الأسارى
واجب على جميع المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال, وذلك أوجب لكونها دون النفوس إذ هي
أهون منها, قال مالك: واجب على الناس أن يُفْدوا الأسارى بجميع أموالهم, وهذا لا خلاف فيه".
فإنّ تخليص غزة الأسـيرة من يد العدوّ الصهيوني من أعظم فرائض الدين ، وأوجب واجباتـه ،
والتقاعس عن نصرتهم موجـب لأشد العقوبات من الله تعالى ،
ذلك أنهم قد باتوا أشد المسلمين حاجة إلى النصرة :
أولا : لأنّ ما أصابهم ليس لشيء سـوى أنهم يجاهدون اليهود أشد الناس عداوة للذين آمنوا
، ويدافعون عن المسجد الأقصى ، فنصرتهم أوجب من غيرهم .
وثانيا : لأنّ غزة هي بمثابـة خط الدفاع الأول عن الأمة ، فسقوطها يعني زحف مخططات
اليهود على أمتنا ، وفي خذلانهم إعانة على إسلام الأمة إلى أعداءها .
وثالثـا : لأن العدو الصهيوني لم يحاصـر غزة إلاّ لأن من فيها رفضوا الانصياع لمؤامرته
الخبيثة التي تستهدف حقوق الإسلام ، والمسلمين في فلسطين ، وفي خذلان أهلنا في غزة
، إعانة على تحقيق أهداف العدو الصهيوني.
ورابـعا : لأنّ في غزة من المستضعفين ، والنساء ، والأطفال ، والمرضى ، من كانوا في عنـاء شديد
أصـلا من شهور بسبب الحصـار ، وقد بلغ بهم سوء الحال ما بلغ ، ثم اشتد عليهم الحصار
هذه الأيام بسـبب قطع الكهرباء ، وإغلاق المعابر ، ومنع جميع مقومات الحياة عنهم ، وفي ترك نصرتهم ،
إعانة على قتل من لايمكنه العيش بلا كهرباء كالمرضى ، وغيرهـم ، إذ كان العدو الصهيوني
لايتوصل إلى شد الحصار عليهم لقتلهم ، إلاّ بخذلان إخوانهم المسلمين لهم .
ولهذا فالواجب على علماء المسلمين اليوم :
أن يعلنوا الدعوة إلى الإضراب الشامل في جميع البلاد الإسلامية ، حتى يرفع الحصار
عن غـزة ، فهذا أقلّ ما يمكن فعله ، وهو داخل في القدرة فوجـب.
وأن يتداعوا إلى مؤتمـر عاجل مفتوح ـ ولو عبر وسائل الإعلام ـ ليبقوا فيه معتصمين إلى
أن يفتح معبر رفح على الأقل .
وأن يطالبوا جميع وسائل الإعلام الإسلامية بالتركيز على معاناة غزة حتى تنجلي ،وعلى القنوات
الفضائية الإسلامية أن تقطع جميع برامجها ، وتكتفي بمتابعة أحوال أهلنا في غـزة فحسـب.