وفي إحياء الوقت المغفول عنهُ بالطاعة فوائد |
منها: أنَّهُ يكون أخفى، وإخفاءُ النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام، فإنَّهُ سرٌ بين العبد وربِّه .
ومنها: أنهُ أشق على النفوس؛ وأفضل الأعمال أشقُّها على النفوس، وسبب ذلك أنَّ النفوس تتأسَّى بما تشاهدهُ من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة؛ لكثرة المقتدين بهم، فسهلت الطاعات. وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسَّى بهم عموم الناس، فيشق على نفوس المتيقظين طاعاتهم؛ لقلة من يقتدون بهم فيها، ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( إنَّ من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهنَّ يومئذٍ بما أنتم عليهِ أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أومنهم! قال: بل منكم )أخرجه ابن نصر في السنة (ص9) بسند صحيح .
وفي صحيح مسلم رقم (2948) من حديث مَعْقِل بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال
: ( العبادة في الهرج كالهجرة إلي ) . وخرَّجهُ الإمام أحمد (5/27)، ولفظهُ
( العبادة في الفتنة كالهجرة إلي ).وسبب ذلك أنَّ الناس في زمن الفتن يتبعون أهوائهم ولا يرجعون إلى دين، فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينهِ ويعبدُ ربَّهُ ويتبع مرَاضيَهُ، ويجتنب مَسَاخِطَهُ، كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً بهِ، متَّبِعاً لأوامرهِ، مجتنباً لنواهيه .
وفي الختام فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
( افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإنَّ لله نفَحَات من رحمتهِ، يصيب بها من يشاء من عبادهِ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمِّن روعاتكم ) أخرجهُ الطبراني في الكبيبر (720) وحسَّنَهُ المحدِّث الألباني في الصحيحة (1890).
"فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات، فعسى أن تصيبه نفحةٌ من تلك النفحات، فيسعد بها سعادةً يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات"لطائف المعارف (ص40).فمن أعظم نفحَاتِهِ مصادفة ساعة إجابة يسأل فيها العبد الجنَّة والنَّجاة من النَّار، فيُجابُ سُؤاله، فيفوز بسعادة الأبد . قال الله تعالى:
(( فَمَنْ زُحْزِحَ عِنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ )) [ آل عمران: 185 ] . وقال الله تعالى:
(( فَأَمَّا الَّذِيْنَ شّقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيق * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك إِنَّ ربَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَّنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذ )) [ هود: 106 - 108 ] .
لـيس السعيد الذي دنياهُ تسعِدُهُ * إنَّ السعيد الذي ينجو من النار
نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجههِ الكريم، ومقرباً إليهِ وإلى دارهِ، دار السلام والنعيم المقيم، وأن ينفعَنا بهِ وعبَادَهُ المؤمنين، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، ويختم لنا بخيرٍ في عافية، فإنَّهُ أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، آمين .
و "
سبحان الله وبحمدهِ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدِك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك "
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( من قال سبحان الله وبحمدهِ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كانت كالطابع يطبع عليهِ، ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارةً لهُ ) أخرجهُ الحاكم (1/537) وصححهُ على شرط مسلم، ووافقهُ الذهبي