( باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق
عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس ) اهـ .
وذهب جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ،
وبناءً عليه قالوا : لا يكره الصيام بعد نصف شعبان .
قال الحافظ : وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ :
يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ,
وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ اهـ من فتح الباري .
وممن ضعفه كذلك البيهقي والطحاوي .
وذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد قال عن هذا الحديث :
( لَيْسَ هُوَ بِمَحْفُوظٍ . وَسَأَلْنَا عَنْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , فَلَمْ يُصَحِّحْهُ , وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ ,
وَكَانَ يَتَوَقَّاهُ . قَالَ أَحْمَدُ : وَالْعَلاءُ ثِقَةٌ لا يُنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ إلا هَذَا) اهـ
والعلاء هو العلاء بن عبد الرحمن يروي هذا الحديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ .
وقد أجاب ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" على من ضَعَّفَ الحديثَ ،
فقال ما محصله :
إن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، وإنَّ تفرد العلاء بهذا الحديث لا يُعَدُّ قادحاً في
الحديث لأن العلاء ثقة ، وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وكثير من السنن تفرد بها ثقاتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم
، وقبلتها الأمة وعملت بها . .
ثم قال :
وَأَمَّا ظَنُّ مُعَارَضَته بِالأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان , فَلا مُعَارَضَة بَيْنهمَا ,
وَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا قَبْله , وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف
الثَّانِي , وَحَدِيث الْعَلاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف , لا لِعَادَةٍ ,
وَلا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله اهـ
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله
عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال :
هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني ، والمراد به النهي
عن ابتداء الصوم بعد النصف ، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة اهـ
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/385) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/394) :
وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط ، كما أخذ بذلك
بعض أهل العلم رحمهم الله ، إلا من له عادة بصوم ، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان اهـ
وخلاصة الجواب :
أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ،
إلا لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف .
والله تعالى أعلم .
والحكمة من هذا النهي أن تتابع الصيام قد يضعف عن صيام رمضان .
فإن قيل : وإذا صام من أول الشهر فهو أشد ضعفاً !
فالجواب :
أن من صام من أول شعبان يكون قد اعتاد على الصيام ، فتقل عليه مشقة الصيام .
قَالَ الْقَارِي :
وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ ، رَحْمَةً عَلَى الأُمَّةِ أَنْ يَضْعُفُوا عَنْ حَقِّ الْقِيَامِ بِصِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى وَجْهِ
النَّشَاطِ . وَأَمَّا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ فَيَتَعَوَّدُ بِالصَّوْمِ وَيَزُولُ عَنْهُ الْكُلْفَةُ اهـ
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب