من المعلوم أن الأطفال غير مكلفين شرعًا، لكنهم يؤمرون بالصيام إذا أطاقوه،
وهذا الأمر على سبيل التمرين والتعويد ليسهل عليهم أداء الواجبات والفرائض عند الكبر وعلى هذا أكثر أهل العلم، وقد كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يدربون صبيانهم على الصيام فعن الربيع بنت معوذ قالت: "كنا نَصُومُ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن (أي الصوف) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار". (أي أعطيناه هذا الصوف يتلهى به حتى يحين موعد الإفطار). رواه البخاري ومسلم.
وهكذا ينبغي أن يكون الأمر في بقية التكاليف الشرعية قال ابن عباس رضي الله عنهما: (اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فذلك وقاية لهم ولكم من النار).
من هذا المنطلق ولأهمية الصيام في حياة الطفل القادر على الصوم هناك بعض الأمور أو الضوابط الهامة التي ينبغي مراعاتها من قبل الآباء والأمهات:
1. ينبغي إعداد الأطفال نفسيا قبل رمضان وذلك بغرس محبة الشهر الكريم لديهم، وأن يذكر لهم الأجر الذي أعده الله للصائمين في الجنة وأن الصوم لله، وشرح ذلك بأسلوب لطيف وبسيط، وعرض مشوق يتناسب مع عقول الأطفال ومستوى تفكيرهم.
2. ينبغي مراعاة التدرج في صيام الطفل، فكلما تدرج الطفل في عدد ساعات الصوم يوما بعد يوم، نتج عن ذلك توازن من الجسم للتغيرات الفسيولوجية التي تحدث نتيجة للصيام، وبالتالي يستطيع الطفل الصيام دون أن يصل إلى مرحلة المشقة الشديدة أو الضرر الصحي، لذا ينبغي على الأم تحديدًا أن تراقب طفلها أثناء صومه، فإذا شعرت بإرهاقه الواضح أو عدم تحمله الصيام، فيجب عليها أن تسارع بإفطاره.
3. عدم استعمال الشدة مع الأطفال لتصويمهم، بل يستعمل معهم التحفيز والتشجيع والمدح والجوائز المادية والمعنوية، لأن الإرغام لا يمكن أن يبني الضمير، بل غالبا ما يولد النفاق والكذب والخوف والخداع، وبسبب الإرغام يلجأ بعض الأطفال للأكل من خلف ظهور الآباء والأمهات.
4. ينبغي أن يكون الوالدان قدوة حسنة أمام الأولاد، فالطفل الذي ينشأ في أسرة تصوم هو بالتأكيد مختلف عن طفل ينشأ في بيئة لا تصوم، لذا من الواجب استثمار رغبة الأطفال في قدرتهم على التقليد والمحاكاة واجتماع الأسرة على طاعة الله.
5. تذكير الأطفال بما يعانيه الأطفال المسلمون في كثير من الدول من فقر وجوع، وكذلك تذكر الفقراء والمساكين والمعدمين والإحساس بهم.
6. إذا طلب الطفل الصائم الطعام قبل موعد الإفطار على الأم أن تلهيه عن موضوع الطعام، وتناقشه في موضوع آخر، وتحاول أن تلهيه بقراءة أو قصة مسلية أو بعض الألعاب المفيدة حتى تعينه على استكمال اليوم.
7. إذا كان في البيت أكثر من طفل؛ فعلى الوالدين أن يحيوا بينهم روح التنافس على الصوم والعمل الصالح، ومنح بعض الهدايا لمن أتم الصيام وأن يحرص الآباء على تنفيذ وعودهم للأبناء في هذا الخصوص.
8. مراعاة الحفاظ على الصلاة إلى جانب الصيام، لأن الأمر بالصلاة على الأطفال أولى، فقد ورد في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع).
9. يجب ألا يخاف على الطفل من الصيام بدعوى أنه ما زال صغيرا؛ لأن الطفل يقبل على الصيام بحماسة شديدة تشبها بوالديه وبأخوته الكبار، ونظرا لما يحويه الشهر الكريم من عادات وتقاليد محببة مثل اجتماع العائلة حول مائدة الإفطار والسحور، وهذا المنع يحرم الطفل من فوائد تربوية عديدة كضبط النفس والتعويد على العبادة وبناء ثقته بقدراته.
10. ينبغي استعمال بعض الوسائل التربوية مع الطفل لتحفيزه وتشجيعه، مثل مدحه أمام الآخرين، وتكريمه على مأدبة الإفطار، وعمل حفل صغير للاحتفاء به والاحتفاء بأصغر الصائمين سنًا، وإتاحة الفرصة له بالمساعدة في إعداد الطعام الذي يحبه ومشاركته للكبار في بعض الأعمال التي تناسب سنه.
11. يجب أن يكون غذاء الإفطار متوازنا، وأن يحصل الطفل على السعرات الحرارية اللازمة له، وينصح باحتواء وجبة الإفطار على البروتينات مثل (الفول واللحوم والدواجن) التي تساعد على بناء الأنسجة الجديدة وتعويض ما يتم هدمه منها، إلى جانب الخضراوات والفاكهة والنشويات (كالخبز والأرز والمعكرونة) وقليل جدا من الدهون.
12. ينبغي أن يراعى تأخير وجبة السحور بقدر الإمكان حتى لا يطول النهار على الطفل، واقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطور". رواه الإمام أحمد. كذلك ينبغي أن تكون وجبة السحور مشبعة، وأن تحتوي على البروتينات والسكريات والدهون مثل: البيض، والفول، والزبادي، والخضراوات، والفاكهة. وينصح بتناول الألبان لاحتوائها على نسبة عالية من البروتينات والدهون، وهي غذاء كامل وتغطي فترة كبيرة من فترات الصيام. إضافة إلى الاهتمام بالسوائل حتى تؤمن للطفل احتياجاته.
13. ينبغي الحد من المجهود البدني الذي يبذله الطفل في فترة الصيام. أما المجهود
الذهني فمسموح به، ويمكن لأطفالنا المذاكرة والتحصيل قبل الإفطار إن تطلب الأمر ذلك.
والله المستعان